عندما قُتِلَ بُطرُس غالي بِيَدِ إبراهيم الورداني عام 1910 أنشَأَت الحُكومَةُ ما أَسمَته "المكتبَ السِّياسيَّ"، وعَيَّنَت ﭼورچ بِك فلبيدس رئيسًا له، وَضَعَت تَحتَ تَصرُّفِه أَموالًا طائِلَةً يَصرِفُها بِلا رَقابَةٍ، ولا مُراجَعَةٍ، لَكِنَّ المكتبَ ظَلَّ يَعمَلُ سَنَتَيْن مُتَوالِيَتَيْن دونَ أَنْ يَكونَ لَهُ أَثَرٌ فِعليٌّ أو نَتيجَةٌ ظاهِرَةٌ؛ فَدَاخَلَ فلبيدس شَيءٌ من الخَوفِ في تَفكيرِ الحُكومَةِ في إِلغائِهِ؛ فَكانَ أَنْ سَوَّلَت لَه نَفسُه أَن يَخلقَ شَيئًا جَسيمًا تَهتَزُّ لَهُ مِصرُ، ولَم يَلْقَ أمامَه بِطَبيعَةِ الحَالِ غَيرَ الحِزبِ الوَطنيِّ ورِجالِه؛ لاعْتِقادِه أَنَّ في مَقدورِه استِغلالَ ما هو مَعروفٌ عن هذا الحِزبِ القَويِّ النُّفوذ -إذ ذاكَ- من كراهَةِ الاحتلالِ البريطانيِّ، ومُناهَضَتِه بِكافَّةِ الطُّرُقِ السِّلميَّة؛ فَقرَّرَ أن يُلقي في رَوْعِ أُولي الأَمرِ أَنَّ الحِزبَ قد دَبَّرَ مُؤامَرَةً لاغتيالِ أَكبَرِ الرِّجالِ في مِصرَ، وهَكذا تَتَوطَّدُ دَعائِمُ سُلطَةِ فلبيدس، ويَتَّسِعُ سُلطانُ نُفوذِه، وكان عَلى إثْرِ تِلكَ المؤامَرَةِ المزعومَةِ أَنْ أُلقِي بالعَديدِ في السُّجونِ لمدَّةِ 12 عامًا، كان أَحَدُهم هو محمود طاهر العربي.