بث تجريبي

تابعنا علي مواقع التوصل الاجتماعي

وَقَفتُ وَراءَ زُجاجِ نافِذَتي أَرْقُبُ الطَّريقَ. الشَّارِعُ خالٍ مُوحِشٌ، ونَوافِذُ البُيوتِ مُغلَقَةٌ مَيِّتَةٌ، ولا حياةَ، ولا حَرَكَة. الزَّمَنُ تَوَقَّفَ، والدَّقيقَةُ أَصبَحَت ساعاتٍ مُمِلَّةً. وَقتي رَخيصٌ، لا أَعرِفُ ماذا أَفعَلُ بِه. أنا لا شَيءَ، ذَهَبتُ وجِئتُ في الحُجرَةِ، ونَظَرتُ مِنَ النَّافِذَة، وأَمسَكتُ بكِتابٍ عِدَّة مَرَّاتٍ، وحاوَلَتُ في كُلِّ مَرَّةٍ الاستِمرارَ في القِراءَةِ، ولَكِنِّي فَشلتُ، فأَقفَلتُ الكِتابَ، وانتَصَرَ الفَشَلُ كانتِصارِهِ الدَّائِمِ عَلَيَّ". "أنا في الثَّامِنَةَ عَشرَةَ، سِنِّ الشَّبابِ كما يَقولون، ولَكنِّي أَشعُرُ أنِّي هَرِمتُ فَجأةً وأَصبَحتُ كَهلَةً. أوراقُ الشَّجَرِ تَتَساقَطُ على أَرضِ الحَديقَةِ، وتَتَجمَّعُ في زَوايا الشَّارِعِ، ويَتَساقَطُ معها فَيضُ مِنَ الذِّكرياتِ الحَزينَةِ في خاطِري، ويَدفَعُ بإحساسٍ حَزينٍ ساحِقٍ إلى قَلبي فَيَغمُرُه بِظَلامِه، ويَجتاحُ نَفسي من جَديدٍ شُعورٌ حادٌّ بالضَّياعِ".