عَلى عَكسِ الرَّاسِخِ تاريخيًّا لَم تَكُن تايتانيك تَغرَقُ بِسَببِ اصطدامِها بِجَبَلِ الجَليد. بَل كُنَّا نُقصَفُ بِقَذائِفَ آتِيَةٍ مِن سُفُنٍ بَعيدَةٍ. وبِما أنَّها لَيسَت المرَّةَ الأُولى الَّتي أدخُلُ فيها هَذا الحُلمَ، مَشَيتُ في وِجهَتي دونَ التِفاتٍ حتَّى لا أَتأخَّرَ على "كيت وينسلت"، ولَكِنِّي رَأيتُ "هَدير"، فَوقَ، عِندَ صاري السَّفينَةِ مُرتَدِيَةً ثَوبَ زِفافٍ، ودونَ مُبَرِّرٍ واضِحٍ قَفَزَ إلى مُخِّي أنَّ هَذه لَيلَةُ فَرَحِنا وأَنَّ الشَّماريخَ الَّتي رَأيتُ النَّاسَ يُطلِقُونها في الهواءِ لَيسَت للاستِغاثَةِ، بَل للاحتِفالِ. فَرِحَ قَلبي، وقُلتُ أَن أَجري لها قَبلَ وُصولِ المياهِ إلى رُكبَتَيَّ، ولَكِنَّني لَم أَجِدْ سلالِمَ لأَصعَدَ، إِلَيها وانتابَني شَكٌّ من اللَّونِ الأَسوَدِ الَّذي كان يَرتَديه كُلُّ حُضورِ الحَفلِ الغارِق، ومن الفُستانِ الأَحمَرِ الَّذي اكتشَفتُ أني أرتَديه. وعَلى الرَّغمِ مِن أَنَّ الكُلَّ كان يُهَنِّئُني وهُم يَعبُرونني في اتِّجاهِ الصَّاري، فَإنَّ أحدًا لَم يُوافِقْ على حَمْلي؛ لِمَا كانت عَلَيهِ رائِحَتي الكَريهَة، اكتَشَفتُها بَعدَما رَأيتُ "هَدير" على الصَّاري تَبدَأُ الحَفلَ وحدَها وِهي تُغنِّي من ميكروفون: "ارفَع كُلّ رايات النَّصر... اِحنا شباب بِنحَرَّر مَصر"...