بث تجريبي

تابعنا علي مواقع التوصل الاجتماعي

الحَدْسُ أَمْ المنْهَجِيَّة؟... في الوَقتِ نَفسِه تَغَيَّرَ الصُّوتُ الَّذي يُغنِّي، فَراحَ يَعلو بِطَريقَةٍ فَنِّيَّةٍ بارِعَة، مِن طَبَقَتِه المنخَفِضَة الرَّصينَة إلى نَغمَةٍ عالِيَةٍ مُفعَمَةٍ بالبَهجَةِ. وبَدَلًا مِن الأُرْغُنِ صَدَحَ البيانو فَجأَةً بأَنغامٍ أَرضيَّةٍ جَريئَة، تَعَرَّفَ فيها فريدولين -في الحالِ- على لمساتِ ناختيجال الجامِحَة الملتَهِبَة. بَينَما صَوتُ المرأَةِ، الَّذي كان قَبلَ لَحظَةٍ واحِدَةٍ مُفعَمًا بالجَلالِ والوَقار، بَدَا كَأنَّه قد اخترَقَ السَّقفَ بانفِجارَةٍ أَخيرَةٍ شَهْوانِيَّةٍ وجامِحَة، مُتلاشِيًا في اللَّا نِهايَة. "ظَنِّي أَنَّني تَجنَّبتُ لِقاءَكَ لأَنَّني كَرِهتُ أَنْ أُقابِلَ نَظيري. لَيسَ مَعنى هَذا أَنَّني أَميلُ بِسُهولَةٍ إلى تَعريفِ نَفسي بآخَرَ، أو تَجاهُلًا مِنِّي للاختِلافاتِ في الموهِبَةِ بَيني وبَينَكَ، لَكِنَّني كُلَّما تَعمَّقتُ في إبداعاتِكَ الخَلَّاقَةِ يَبدو أنَّني أَجِدُ دائِمًا -تحتَ سَطحِها الشَّاعِريِّ- الافتِراضاتِ والاهتِماماتِ والخُلاصاتِ نَفسَها الَّتي أَعرِفُ أَنَّها لي أنا. يَقينُكَ وشَكُّكَ الَّذي يَدعوه البَعضُ تَشاؤُمًا، انشغالُكَ بحَقائِقِ الوَعي الباطِنِ، ودَوافِعُ المرءِ الغَريزيَّةُ، تَشريحُكَ للأَعْرافِ الثَّقافِيَّةِ لمجتَمَعِنا، استقرارُ أَفكارِكَ على قُطْبَيْ الحُبِّ والمَوْتِ، كُلُّ هذا يُثيرُ لَدَيَّ شُعورًا مُدهِشًا بالأُلفَة" "من رسالة فرويد إلى شنيتزلر".