بث تجريبي

تابعنا علي مواقع التوصل الاجتماعي

"قال وددتُ لو أهرب من هذا كلِّه. لكنه تعلَّم كيف يهرب من الكلمات إلى الكلمات، أن يُكفِّن الوردة الحيَّة في حروفٍ سوداء بلا رائحة ولا ملمس، وأن يستغني عن شجاعة الرحلة بلذَّة تخيُّلها. حتى جاء يومٌ ووقَعَت المعجزة، حقًّا وصدقًا، وبلا لُغة؛ إذ نبتت الأوراق الخُضر في أطرافه الأربعة، وشقَّت قدماه سطح الأرض وراحت تمتدُّ عميقًا، وارتفعَ رأسه نحو النور والهواء، وبدأ يرقص مع النسيم على غناء الطير ودغدغة النحل، يدور حول نفسه بذراعٍ مرفوعة تشيرُ لقلعة أبيه في السماء، وأخرى مُدلَّاة تشيرُ لبطن أمه على الأرض، تلك التي لا يحلم بها كثيرًا، لكنه سيرجع إليها مثل كل أبنائها في نهاية الرِحلة. وبين قلعة أبيه وبطن أمه يحاول أن ينسى نفسَه ليعثر على كل شيء. وإلى أن يحدث هذا، إلى أن يصير وردةً لا تدري ما هي، سيظل مبتسمًا لجُرحه المفتوح، عابرًا في ثقة السُّكارى من صفحةٍ إلى أخرى. "