دي إي وتركوور
فكر
دَعونا نُواجِه الأَمرَ. الفيسبوك مُمتِعٌ وفاتِنٌ، مِن ثَمَّ سُرعانَ ما يُدمِنُه الإنسانُ. مِن أَحَدِ أَسبابِ استِمتاعِنا بِهِ أَنَّهُ يُغَذِّي الأنا لَدَينا.
"لَقَد مَرَرنا جَميعًا بِهَذِه الحالَةِ أَو تِلكَ مِن النَّرجسيَّةِ الَّتي غَذَّاها الفيسبوك باقتِدارٍ؛ لأنَّكَ -بِبَساطَةٍ- لَدَيكَ مَجالٌ واسِعٌ تَتَحكَّمُ فيه بـ «كَيفِيَّةِ إظهارِ نَفسِكَ»، ومتى، وبِأَيِّ خِطابٍ؛ بِما يَجعَلُنا نَستَحضِرُ صُورَةَ نيتشه العَدَميَّة عِندَما يُقَدِّمُ لَنا في «العِلْم المَرِح» رَجُلًا مَجنونًا يُعلِنُ مَوتَ الله، مُتسائِلًا: «أَلَا تَرانا نَتَحَرَّكُ بَعيدًا عَن كُلِّ الشُّموسِ؟ أَلَا تَرانا نَغرَقُ دونَ تَوقُّفٍ: خَلفًا، وجَنبًا، وأَمامًا، في جميع الاتجاهات؟"»، هذا –تَحديدًا- ما نَشعُرُ بِه عِندَما نَتَسَكَّعُ مَعَ الفيسبوك، مِثلَما أَوضَحَ أَحَدُ مُؤَلِّفي الكِتاب. نَغرَقُ بِحالَةٍ مِن التِّيهِ عَبرَ خُيوطٍ مِنَ التَّعليقاتِ، وثُقوبٍ مِنَ النَّصوصِ التَّشَعُّبِيَّة. فَسُرعانَ ما نَنكَمِشُ «مِثلَ طِفلٍ يَشعُرُ بالدُّوارِ، هَبَطَ مِنْ فَوْرِه مِن عَلَى لُعبَةِ الأُرجوحَةِ الدَّوَّارَةِ، باحِثًا عَنْ شَيءٍ يُمسِكُ بِه، أَيِّ شَيءٍ»". هَكذا الفيسبوك وأَنتَ عَلَى أَريكَتِكَ، أَو مَكتَبِكَ تَنسِجُ عالَمًا أنتَ عِمادُ التَّحَرُّكِ فيه، ولَكِنْ عِندَما تَبدَأً التَّعليقاتُ ورُدودُ الأَفعالِ ووَضعُ وَصْلاتٍ تَشَعُّبِيَّةٍ تُوصِلُكَ إلى مَراجِعَ في صورَةِ مَقالاتٍ أَو أَفلامٍ أَو كُتُبٍ تَرُدُّ على طُروحاتِكَ النَّظَريَّةِ أو السِّياسِيَّةِ؛ سَتَجِدُ نَفسَكَ في مَتاهَةٍ أَكَلَت وَقتَكَ، وجارَت عَلى مُفرَداتِ يَومِكَ: الغَثِّ مِنها والثَّمين.